الشعري والسردي في الأدب المغربي

أصبح التداخل بين الأجناس الأدبية، بعد التحولات الكبيرة التي عرفها الإبداع الأدبي على مستوى كتابة النص وقراءته،منذ عقود، محط سؤال عريض. وقد أفضت محاولات الإجابة عن هذا السؤال إلى مقاربات تتفاوت في منظورها ومنهجها. ومع ذلك، فإن مجال الدراسات الأدبية والنقدية ما زال يكتنفه الغموض النظري والمفاهيمي عندما يتعلق الأمر بتصنيف الإبداع الأدبي. وهذا راجع، بالدرجة الأولى، إلى التقاطع بين الأجناس الأدبية ونظرية الأدب، من ناحية، وبين الأجناس الأدبية وتحليل الخطاب، من ناحية ثانية. وهو ما يجعل تداخل الأجناس  مسألةً في غاية التعقيد.

ويبدو أن الدراسات العربية مازالت، في تعاملها مع هذه القضية، في مرحلة جنينية. فتلك الدراسات ما زالت تبحث عن تحديدات لبعض الأجناس الأدبية التي أفرزها التحول الذي عرفته الكتابة  في "قصيدة النثر" و"القصة القصيرة جدا" وغيرهما.

ولكن المشكلة لا تقف عند هذا الحد، بل إن المرحلة التي يمر منها الأدب العربي (آخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين) تجعل القارئ أمام "قصة شعرية" و"قصيدة قصصية" إذا صحت هذه التسميات، وأضحى من العسير ترسيم الحدود بين "النثري" و"الشعري". فقد بات الأدب العربي الحديث يتجه على مستوى الانتاج النصي، نحو نص مفتوح يتجاوز مقولة الأجناس الأدبية بمفهومها التقليدي، مما يتطلب إعادة صياغة للكثير من التساؤلات التي تفضي في النهاية إلى مفهوم جديد للأدب.

والأدب المغربي لم يكن بمنأى عن هذه التحولات الكبرى التي أملتها طبيعة التطور الذي طال كل شيء في حياتنا. فمنذ ثمانينيات القرن الماضي، رصد الدارس مجموعة من الظواهر النصية غير المسبوقة، تمتح من مرجعيات إبداعية ونقدية عالمية وتجد ما يمنحها مشروعية في الواقع الاجتماعي على مستوى التلقي.

وهكذا بدا من غير الممكن تناول أعمال  روائية بالاتكاء على المكونات السردية فقط، وهي التي تعج بالإيقاع المستمد من ضجيج الحياة في بعده الوجودي والرؤيوي. وبالمقابل، فإنه لا يمكن مقاربة أعمال شعرية اعتمادا على المقاييس الشعرية التي ظلت القصيدة العربية تفرضها على القارئ.

وقد مهدت هذه الظواهر النصية الجديدة الطريق أمام ظاهرة الجمع بين "السردي" و"الشعري" في نص واحد. وتجلت، من خلالها، سهولة انتقال الكاتب من الشعر إلى الرواية ومن الرواية إلى الشعر.

إن هذا التداخل بين الشعري والسردي يعكس تحولا كبيرا في الأدب المغربي يستحق الوقوف عنده، في أفق تجديد المقاربة النقدية المغربية بأبعادها المتعددة والمختلفة. ومن ثم، فإن الهدف من إقامة هذه الندوة يكمن في العمل على مواكبة الإبداع الأدبي المغربي بمقاربات جديدة تبتعد عن منطق التنميط والتصنيف، وتروم القبض على النص في جوهره اللغوي الذي يحكم انفتاحه على كل الأجناس الأدبية دون أن يكون خالصاً لواحد منها.

 

نظّم بيت الشعر في المغرب، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة المولى إسماعيل، والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة، دورة أكاديمية في موضوع "الشعري والسردي في الأدب المغربي" يومي 17 و18 دسمبر 2015. وقد شارك في أعمال الدورة شعراء وروائيون ونقاد وباحثون، كما اختُتم يوما الندوة بأمسيتيْن شعريتيْن. وذلك حسب البرنامج التالي:

 

الجلسة العلمية الأولى: الشعري والسردي، قضايا وظواهر. بمشاركة الأساتذة:

- عبد العزيز بومسهولي: كلية الوجود وثنائية الكينونة: الشعر والنثر.

ـ خالد بلقاسم: بناء السرد شعريّاً.

ـ رشيد يحياوي: الشعري والسردي: تأصيل مفاهيمي تراثي.

ـ يوسف ناوري: تشكل السرد في النص الشعري المغربي المعاصر.

ـ إدريس موحتات: حدود الشعر والسرد، نماذج من التنظيرات المغربية.

ـ نور الدين محقق:البنية السردية والتركيب الشعري في الكتابة المغربية، من تبئير الشخصيات إلى تبئير اللغة.

ترأس الجلسة: نجيب العوفي.

 

الجلسة العلمية الثانية: الشعري والسردي، مقاربات نصية. بمشاركة الأساتذة:

ـ نجيب العوفي: جدلية الشعري والسردي في القصيدة المغربية.

ـ حسن المودن: قصيدة السرد.

ـ محمد أمنصور: السرد أفقاً للحرية في ديوان "نسيت دمي عندهم" لعبد السلام الزيتوني.

ـ خالد زكري: شعرية الرواية المغربية المكتوبة بالفرنسية.

ـ حسن مخافي: المكوّن السردي في قصيدة النثر المغربية.

ـ عبد القادر الغزالي: الشعري والسردي في القصيدة المغربية المعاصرة.

ترأس الجلسة: يوسف ناوري.

وقد شهد نفس اليوم تنظيم أمسية شعرية، بمشاركة الشعراء: رشيد المومني، نجيب خداري، عبد السلام المساوي، محمد بنعيسى.

تقديم الشاعر محمد بودويك.

 

الجلسة العلمية الثالثة: الشاعر روائيّاً (احتفاءً بالشاعر والروائي المغربي الأستاذ محمد الأشعري). بمشاركة الأساتذة:

ـ رشيد المومني: الكتابة في ظل القصيدة.

ـ حسن نجمي: أثر محمد الأشعري.

ـ عبد الكريم الجويطي: محمد الأشعري شاعرا وروائيا.

ـ يحيى بن الوليد: الشاعر روائيا.

ـ كلمة الأستاذ محمد الأشعري.

 ترأس الجلسة: خالد بلقاسم.

 

   كما شهد هذا اليوم تنظيم الأمسية الشعرية الثانية (بالمركب الثقافي الفقيه محمد المنوني)، بمشاركة الشعراء: الزهرة المنصوري، محمد الأشعري، محمد بودويك.

تقديم الشاعر عبد السلام المساوي.