بيت الشعر في المغرب ينعي الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي

 

 

تلقّى بيتُ الشّعر في المغرب بحزنٍ شديد، وفاة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، الوزير الأول الأسبق، وأحدُ قادة حركة المقاومة والكفاح الوطني من أجْل الحرية والاستقلال الوطني والبناء الديمقراطي، الذين عمِلوا، من خلال مُختلف المواقع والمسؤوليات السياسية والمدنية التي شغلها، على إرساء مغرب الديمقراطية والحريات والحقوق، وخاصّة الحقوق الثقافية واللغوية والأدبية، وهو ما جعل منه رجل دولةٍ بامتياز، وأكسبهُ مكانةً محترمة لدى  مكونات الشّعب المغربي ولدى مُختلف الأوساط السياسِية والاجتماعية والفكرية والثقافية داخل المغرب وخارجه، حيث كان الجميعُ يشيدُون بوطنية الرّجُل وحِكمته ونقاء ذمّته وانتصاره الدائم والمُستميت لقضايا بلده وشعْبه ولقيم العدالة والحرية والكرامة وحقوق الإنسان.

إنّ بيت الشعر في المغرب، وهو ينعِـي الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، و يترحّم على روحِه، ليسْتحضِرُ باعتزازٍ كبير المكانة التي كان يحتلّها بيتُ الشعر في المغرب في قلبِ هذا الرجل، الذي نذكُـر له الكثير من الأيادي البيضاء على هذه المؤسسة الثقافية المدنية المستقلة، لعلّ من أبرزها مُساندتَه لطلبنَا الموجّه إلى المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم ( اليونيسكو) سنة 1998 في شأن إقرار يوم عالمي للشعر. إذ من المعلوم أنّ السيد فيدريكو مايور المدير التنفيذي، آنئذ، لليونيسكو اقترح على بيت الشعر أن يتمّ إرسالُ هذا الملتمس عبر المسلك الحكومي (لأن منظمة اليونيسكو هي منظمة حكومات). و بالفعل، أجرى بيت الشّعر الاتصال بالراحل الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، الذي لم يتردّد في الموافقة على مُقترح بيت الشعر. وسارع إلى تكليف وزيره في الثقافة، آنذاك، الأستاذ الشاعر محمد الأشعري، الذي لم يألُ جُهدًا في المتابعة المباشرة للموضوع، الذي أصبح، بفضل كل ذلك، مقترحا مغربيا بامتياز، يقتسمُه المجتمع والدولة على السواء، كما ربط الاتصال، في ذات الوقت، بسفير المملكة المغربية في باريس ورئيس البعثة المغربية باليونيسكو، من أجل التنسيق والقيام بالإجراءات اللازمة مع مصالح هذه  المنظمة.

كما نذكُـر بتقديرٍ وامتنانٍ كبيرين، للأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، دعمَه الكبير للمهرجان العالمي للشعر لمدينة الدار البيضاء، وخاصة دورة سنة 2002، التي كانت قد عرفت بعض المشاكل الماديّة بسبب تخلّي بعض الشركاء بمدينة الدار البيضاء، عن دعمها. فقد عمد الأستاذ اليوسفي، عند علمه بذلك، إلى تقديم هبة من ماله الشّخصي بقيمة 100 ألف درهم، وهو ما سمح بتنظيم الدورة الثالثة من المهرجان العالمي للشعر وعدم إلغائها. كما حرص على حُضور مراسيم افتتاحها وإلقاء كلمة بالمناسبة، وهو ما يترجم التقدير الكبير الذي كان  يُكنُّه الفقيد للشعر وللشعراء.

كما يُسجّل للفقيد الكبير، خلال فترة تولّيه لمنصب الوزير الأول، دعمَه المنتظم للثقافة المغربية وحِرصَه على تواجُدِ ممثّليها ووجُوهِها إلى جانبه خلال زيارات الدولة التي كان يقوم بها إلى  عدد من دول العالم. فقد كان الراحل يعتبر أنّ تمثيل المغرب لا يتمّ من خلال رجال المال والأعمال والمقاولة وممثلي الشركات الاقتصادية والاستثمارية فحسب، بل وكذلك من خلال الفاعلين في الحقل الثقافي و الفكري والأدبي والفني.

 وبهذه المناسبة الأليمة، يودّ بيت الشعر في المغرب أنْ يُعرب عن عظيم شُكره وامتنانه لكافة الشاعرات والشعراء، من خارج المغرب، الذين تفضلوا بتقديم التعازي في وفاة فقيد المغرب الكبير، شاكرًا ومُقدرا لهم تضامُنهم مع بلدنا في هذه اللحظة التي يفقدُ فيها أحد البناة الكبار للمغرب الحديث والديمقراطي. 

رحم الله الفقيد بواسع رحمته.

و إنا لله وإنا إليه راجعون.

 

بيت الشعر في المغرب

الرباط في 29 ماي 2020